لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٩١
البيان، وهؤلاء بضياء المعرفة بالوصف «١» كالعيان، وهم الذين قال صلى اللّه عليه وسلم فيهم :
«الإحسان أن تعبد اللّه كأنك تراه».
قوله جل ذكره :
[سورة يونس (١٠) : آية ٢٦]
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦)
«أَحْسَنُوا» : أي عملوا وأحسنوا إذ كانت أفعالهم على مقتضى الإذن.
ويقال «أَحْسَنُوا» : لم يقصّروا فى الواجبات، ولم يخلّوا بالمندوبات.
ويقال «أَحْسَنُوا» : أي لم يبق عليهم حقّ إلا قاموا به إن كان حقّ الحقّ فمن غير تقصير و، إن كان من حقّ الخلق فاذا من غير تأخير.
ويقال «أَحْسَنُوا» : فى المال كما أحسنوا فى الحال فاستداموا بما فيه واستقاموا، والحسنى التي لهم هى الجنة وما فيها من صنوف النّعم.
ويقال الحسنى فى الدنيا توفيق بدوام «٢»، وتحقيق بتمام، وفى الآخرة غفران معجّل، وعيان على التأبيد «٣» محصّل.
قوله :«وَزِيادَةٌ» : فعلى موجب الخبر وإجماع السلف النظر إلى اللّه. ويحتمل أن تكون «الْحُسْنى » : الرّؤية، «و الزيادة». دوامها. ويحتمل أن تكون «الْحُسْنى » : اللقاء، «و الزيادة» : البقاء فى حال اللقاء.
ويقال الحسنى عنهم لا مقطوعة ولا ممنوعة، والزيادة لهم لا عنهم محجوبة ولا مسلوبة.
قوله جل ذكره : وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
لا يقع عليهم غبار الحجاب، وبعكسه حديث الكفار حيث قال :«وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ».

_
(١) (المعرفة بالوصف) احتراز هام جدا، حتى لا يظن أن (العيان) يستشرف من (الذات) الصمدية، وإنما يقتصر الأمر على (عرفان الأوصاف) الإلهية كالجلال والجمال والكرم.. إلى آخره.
(٢) قال صلى اللّه عليه وسلم :«خير العمل أدومه وإن قل».
(٣) (التأبيد) معناه إلى الأبد فهم فى الجنة خالدون أبدا، وستأتى لفظة (التأبيد) فى العقوبة أيضا بعد قليل. [.....]


الصفحة التالية
Icon