لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٠٣
على الخروج مستعدا له، ثم إذا لم يحصل الأجل فلا يستعجل، وإذا حضر فلا يستثقل، ويكون بحكم الوقت، كما قالوا :
لو قال لى مت متّ سمعا وطاعة وقلت لداعى الموت : أهلا ومرحبا
قوله جل ذكره :
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٠)
هم - اليوم - فى غرف معارفهم على أسرّة وصلهم، متوّجون بتيجان سيادتهم، يسقون كاسات الوجد، ويجبرون في جنان القرب، وعدا كما قال :- «الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» والصبر الوقوف مع اللّه بشرط سقوط الفكرة.
الصبر العكوف في أوطان الوفاء، الصبر حبس النّفس على فطامها.
الصبر تجرّع كاسات التقدير من غير تعبيس.
الصبر صفة توجب معيّة الحقّ.. وأعزز بها! وأول الصبر تصبّر بتكلف، ثم صبر بسهولة، ثم اصطبار وهو ممزوج بالراحة، ثم تحقّق بوصف الرضا فيصير العبد فيه محمولا بعد أن كان متحمّلا.
والتوكل انتظار مع استبشار، والتوكل سكون السّرّ إلى اللّه، التوكل استقلال بحقيقة التوكل فلا تتبرّم في الخلوة بانقطاع الأغيار عنك. التوكل إعراض القلب عن غير الربّ.
قوله جل ذكره :«وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَ إِيَّاكُمْ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».


الصفحة التالية
Icon