لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١١٣
ردّ المثل إلى المثل، وربط الشكل بالشكل، وجعل سكون البعض إلى البعض، ولكنّ ذلك للأشباح والصّور، أمّا الأرواح فصحبتها للأشباح كره لا طوع «١».
وأمّا الأسرار فمعتقة لا تساكن الأطلال ولا تتدنس بالأعلال.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٢٢]
وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢)
خلق السماوات في علوّها والأرض في دنوّها هذه بنجومها وكواكبها، وهذه بأقطارها ومناكبها. وهذه بشمسها وقمرها، وهذه بمائها ومدرها.
ومن آياته اختلاف لغات أهل الأرض، واختلاف تسبيحات الملائكة الذين هم سكان السماء. وإنّ اختصاص كلّ شىء منها بحكم - شاهد عدل، ودليل صدق على أنها تناجى أفكار المتيقظين، وتنادى على أنفسها.. أنها جميعها من تقدير العزيز العليم.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٢٣]
وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣)
غلبة النوم بغير اختيار صاحبه ثم انتباهه من غير اكتساب له بوسعه يدلّ على موته وبعثه بعد ذلك وقت نشوره. ثم في حال منامه يرى ما يسرّه وما يضرّه، وعلى أوصاف كثيرة أمره.. كذلك الميت في قبره.. اللّه أعلم كيف حاله في أمره، وما يلقاه من خيره وشرّه، ونفعه وضرّه؟
(١) فكرة اغتراب الروح عن مصدرها الأصيل، ولبثها في داخل البدن، ذلك القفص المادي أو السجن الترابي - تحتل اهتماما كبيرا عند شعراء الصوفية (أنظر كتابنا «نشأة التصوف الإسلامى» فصل الفطرية).