لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٢٠
بل أفضل الصدقة على ذى رحم كاشح «١» حتى يكون إعطاؤه للّه مجردا عن كل نصيب لك فيه، فهؤلاء هم الذين يضاعف أجرهم : قهرهم لأنفسهم حيث يخالفونها، وفوزهم بالعوض من قبل اللّه.
ثم الزكاة هي التطهير، وتطهير المال معلوم ببيان الشريعة في كيفية إخراج الزكاة، وأصناف المال وأوصافه.
وزكاة البدن وزكاة القلب وزكاة السّرّ.. كلّ ذلك يجب القيام به.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٤٠]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠)
«ثُمَّ» حرف يقتضى التراخي وفي ذلك إشارة إلى أنه ليس من ضرورة خلقه إياك أن يرزقك كنت في ضعف أحوالك ابتداء ما خلقك، فأنبتك وأحياك من غير حاجة لك إلى رزق فإلى أن خرجت من بطن أمّك : إمّا أن كان يغنيك عن الرزق وأنت جنين فى بطن الأم ولم يكن لك أكل ولا شرب، وإمّا أن كان يعطيك ما يكفيك من الرزق - إن حقّ ما قالوا : إن الجنين يتغذّى بدم الطمث. وإذا أخرجك من بطن أمك رزقك على الوجه المعهود في الوقت المعلوم، فيسّر لك أسباب الأكل والشرب من لبن الأم، ثم من فنون الطعام، ثم أرزاق القلوب والسرائر من الإيمان والعرفان وأرزاق التوفيق من الطاعات والعبادات، وأرزاق اللسان من الأذكار وغير ذلك مما جرى ذكره «ثُمَّ يُمِيتُكُمْ» بسقوط شهواتكم، ويميتكم عن شواهدكم.
«ثُمَّ يُحْيِيكُمْ» بحياة قلوبكم ثم بأن يحييكم بربّكم.
١) كاشح أي مبغض. وربما كان خير مثل التصدق على ذى رحم مبغض، ما حدث من أبى بكر حينما امتنع عن تقديم الزكاة لمسطح على أثر قيامه بدوره المعروف في قصة الإفك، فعوتب أبو بكر في ذلك ونزلت فيه «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى » آية ٢٢ سورة النور.