لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٢٤
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٥٠]
فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)
يحيى الأرض بأزهارها وأنوارها عند مجىء الأمطار ليخرج زرعها وثمارها، ويحيى النفوس بعد نفرتها، ويوفقها للخيرات بعد فترتها، فتعمر أوطان الرّفاق بصادق إقدامهم، وتندفع البلايا عن الأنام ببركات أيامهم، ويحيى القلوب بعد غفلتها بأنوار المحاضرات، فتعود إلى استدامة الذكر بحسن المراعاة، ويهتدى بأنوار أهلها أهل العسر من أصحاب الإرادات، ويحيى الأرواح بعد حجبتها - بأنوار المشاهدات، فتطلع شموسها عن برج السعادة، ويتصل بمشامّ أسرار الكافة نسيم ما يفيض عليهم من الزيادات، فلا يبقى صاحب نفس إلا حظى منه بنصيب، ويحيى الأسرار - وقد تكون لها وقفة في بعض الحالات - فتنتفى بالكلية آثار الغيرية، ولا يبقى في الدار ديّار ولا من سكانها آثار فسطوات الحقائق لا تثبت لها ذرّة من صفات الخلائق، هنالك الولاية للّه.. سقط الماء والقطرة، وطاحت الرسوم والجملة «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : آية ٥١]
وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (٥١)
إذا انسدّت البصيرة عن الإدراك دام العمى على عموم الأوقات.. كذلك من حقّت عليهم الشقاوة جرّته إلى نفسها - وإن تبوّأ الجنة منزلا.
قوله جل ذكره :
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَ ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣)
من فقد الحياة الأصلية لم يعش بالرّقى والتمائم، وإذا كان في السريرة طرش عن سماع الحقيقة فسمع الظاهر لا يفيده آكد الحجّة. وكما لا يسمع «٢» الصّمّ الدعاء فكذلك لا يمكنه أن يهدى العمى عن ضلالتهم.
(١) أي انتفت آثار البشرية، وصار العبد مستهلكا بالكلية.
(٢) الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الرسول صلوات اللّه عليه، فإن الخطاب في الآية الكريمة موجه إليه.