لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٢٨
ينظرون إلى اللّه. وشرط المحسن أن يكون محسنا إلى عباد اللّه : دانيهم وقاصيهم، ومطيعهم وعاصيهم.
«الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ» : يأتون بشرائطها في الظاهر من ستر العورة، وتقديم الطهارة، واستقبال القبلة، والعلم بدخول الوقت، والوقوف في مكان طاهر.
و في الباطن يأتون بشرائطها من طهارة السّرّ عن العلائق، وستر عورة الباطن بتنقيته عن العيوب، لأنها مهما تكن فاللّه يراها فإذا أردت ألا يرى اللّه عيوبك فاحذرها حتى لا تكون. والوقوف في مكان طاهر، وهو وقوف القلب على الحدّ الذي أذنت في الوقوف فيه مما لا تكون دعوى بلا تحقيق، ورحم اللّه من وقف عند حدّه. والمعرفة بدخول الوقت فتعلم وقت التذلّل والاستكانة، وتميز بينه وبين وقت السرور والبسط، وتستقبل القبلة بنفسك، وتعلّق قلبك باللّه من غير تخصيص بقطر أو مكان.
قوله جل ذكره :
[سورة لقمان (٣١) : آية ٥]
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)
الذين يقومون بشرط صلاتهم وحقّ آداب عبادتهم هم الذين اهتدوا فى الدنيا والعقبى فسلموا ونجوا.
قوله جل ذكره :
[سورة لقمان (٣١) : آية ٦]
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ يَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦)
«لَهْوَ الْحَدِيثِ» : ما يشغل عن ذكر اللّه «١»، ويحجب عن اللّه سماعه. ويقال : هو لغو الظاهر الموجب سهو الضمائر، وهو ما يكون خوضا في الباطل، وأخذا بما لا يعنيك.

_
(١) اعتاد كثير من المفسرين أن يفسروا اللهو هنا (بالغناء)، لأجل هذا نلفت النظر إلى عدم صرف القشيري المعنى في هذا الاتجاه، لأننا نعلم من مذهبه أنه لا يرى بأسا في سماع الغناء ولكن بشرط أن يحرك الوجدان نحو غاية سامية في السماع، وألا يبعث فيها الهوى والمجون، وألا يكون مصحوبا بشىء محرّم. (أنظر كتابنا : الإمام القشيري ونزعته في التصوف) ط مؤسسة الحلبي. [.....]


الصفحة التالية
Icon