لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٥٧
إذا وقعوا على آثارهم، ولو اتفق هجوم الأعداء عليكم ما كانوا إلا في حرز سيوفهم ودرية «١» رماحهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٢١]
لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (٢١)
«كانَ» صلة ومعناها : لكم في رسول اللّه أسوة حسنة، به قدوتكم، ويجب عليكم متابعته فيما يرسمه لكم. وأقوال الرسول (ض) وأفعاله على الوجوب إلى أن يقوم دليل التخصيص، فأما أحواله فلا سبيل لأحد إلى الإشراف عليها، فإن ظهر شىء من ذلك بإخباره أو بدلالة أقواله وأفعاله عليه فإن كان ذلك مكتسبا من قبله فيلحق في الظاهر بالوجوب بأفعاله وأقواله، وإن كان غير مكتسب له فهى خصوصية له لا ينبغى لأحد أن يتعرّض لمقابلته لاختصاصه - صلى اللّه عليه وسلم - بعلوّ رتبته «٢».
قوله جلّ ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٢٢]
وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَ تَسْلِيماً (٢٢)
كما أنّ المنافقين اضطربت عقائدهم عند رؤية الأعداء، فالمؤمنون وأهل اليقين ازدادوا ثقة، وعلى الأعداء جرأة، ولحكم اللّه استسلاما، ومن اللّه قوة.
قوله جل ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٢٣]
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (٢٣)
شكر صنيعهم في المراس، ومدح يقينهم عند شهود البأس، وسماهم رجالا إثباتا

_
(١) الدرية ما يستتر به الصائد من الصيد فيرميه إذا أمكنه.
(٢) يفيد هذا الكلام في توضيح نظرة هذا الباحث إلى السنّة كمصدر أساسى من مصادر التشريع، فالسّنّة أقوال وأفعال وأحوال، منها ما يصلح العموم، ومنها ما يختص به الرسول نفسه.


الصفحة التالية
Icon