لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٦٨
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٢]
لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (٥٢)
لما اخترتهنّ أثبت اللّه لهن حرمة، فقال :«لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ» فكما اخترنك فلا تختر عليهن امرأة أخرى تطبيبا لقلوبهن، ونوعا للمعادلة بينه وبينهن، وهذا يدل على كرمه - والحفاظ كرم ودين «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَ لكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَ اللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً (٥٣)
الآية.
أمرهم بحفظ الأدب في الاستئذان، ومراعاة الوقت، ووجوب الاحترام فإذا أذن لكم فادخلوا على وجه الأدب، وحفظ أحكام تلك الحضرة، وإذا انتهت حوائجكم فاخرجوا، ولا تتغافلوا عنكم، ولا يمنعنّكم حسن خلقه من حفظ الأدب، ولا يحملنّكم فرط احتشامه على إبرامه «٢».
«فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَ لا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ» :
حسن خلقه - صلى اللّه عليه وسلم - جرّهم إلى المباسطة معه، حتى أنزل اللّه هذه الآية.
«وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ» : نقلهم عن مألوف العادة إلى معروف الشريعة ومفروض العبادة، وبيّن أن البشر بشر - وإن كانوا من الصحابة، فقال :
«ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ»

_
(١) ضبطناها هكذا (دين) بفتح الدال وتسكين الياء فبها يستقيم المعنى ويقوى السياق.
(٢) أي إضجاره وإملاله.


الصفحة التالية
Icon