لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٧٧
قوله جل ذكره :
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١)
«داوُدَ» اسم أعجمى، وقيل سمى داود لأنه داوى (جرحه، ورد في القصة أنه قال في إحدى مناجاته : يا رب، إنى أرى في التوراة ما أعطيت لأوليائك وأنبيائك من الرتب فأعطنيها) «١» فقال : إنى ابتليتهم فصبروا، فقال : إنى أصبر على بلائك، فأعطنى ما أعطيتهم، فأبلاه، فوقف، فأعطاه ما أعطاهم.
«وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا» : تكلموا في هذا الفضل فمنهم من أراد ما ذكره بعده وهو قوله للطير :«أَوِّبِي مَعَهُ»، وكذلك الجبال، وكان في ذلك تنفيس في وقت حزنه وبكائه. وقيل ذلك الفضل رجوعه إلى اللّه - فى حال ما وقع له «٢» - بالتنصل والاعتذار. ويقال هو شهوده موضع ضرورته وأنه لا يصلح أمره غيره. ويقال طيب صوته عند قراءة الزبور حتى كان ليرغب في متابعته من يسمع إليه «٣». ويقال حلاوة صوته فى المناجاة. ويقال حسن خلقه مع أمته الذين اتبعوه، ويقال توفيقه للحكم بين أمته بالعدل...
قوله :«يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ» أمر الجبال والطير بمجاوبته حتى خرج إلى الجبال والصحارى ينوح على نفسه.
ويقال أوحى اللّه له : يا داود، كانت تلك الزّلّة مباركة عليك! فقال. يا رب، وكيف؟ فقال : كنت تجىء قبلها (كما يجىء المطيعون والآن) «٤» تجىء كما يجىء أهل الذنوب!

_
(١) ما بين القوسين ساقط من ص موجود في م.
(٢) يشير القشيري بذلك إلى قصة داود مع زوجة أوريا، وكيف تاب وأناب.
(٣) يقول القرطبي : كان قد أعطى من الصوت ما يتزاحم الوحوش من الجبال على حسن صوته، وكانت الجبال تتجاوب صداه، والماء الجاري ينقطع جريه. ويضيف القرطبي :«أيد بمساعدة الجبال والطير لئلا يجد فترة، فإذا دخلت الفترة اهتاج أي ثار وتحرّك، وقوى بمساعدة الجبال والطير.
(٤) موجودة في ص وغير موجودة في م.


الصفحة التالية
Icon