لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٨٨
على أحواله وأفعاله وأقواله؟ قلتم إنه شاعر - فمن أي قسم من أقسام الشعر كلامه؟ قلتم إنه مجنون - فأى جنون ظهر منه؟
و إذ قد عجزتم عن ذلك... فهلّا عرفتم أنه صادق؟! قوله جل ذكره :
[سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٨]
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨)
يقذف بالحقّ على باطل أهل الغفلة فتزول حيلهم، ويظهر عجزهم. ويقذف بالحقّ على أحوال أهل الخلاف فيضمحل اجتراؤهم، ويحيق بهم شؤم معاصيهم.
ويقذف بالحقّ - إذا حضر أصحاب المعاني - على ظلمات أصحاب الدعاوى فيخمد ثائرتهم، ويفضحهم في الحال، ويفضح عوارهم.
قوله جل ذكره :
[سورة سبإ (٣٤) : آية ٤٩]
قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ ما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَ ما يُعِيدُ (٤٩)
الباطل على ممرّ الأيام لا يزيد إلا زهوقا، والحقّ على ممرّ الأيام لا يزداد إلا قوة وظهورا.
قوله جل ذكره :
[سورة سبإ (٣٤) : آية ٥٠]
قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَ إِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠)
إن كنت مهتديا فبربّى لا بجهدي. وإن كنت عندكم من أهل الضلال فوبال ضلالتى عائد عليّ، ولن يضرّكم ذلك. فانظروا أنتم إلى أنفسكم.. أين وقعتم؟ وأي ضرر يعود عليكم لو أطعتمونى؟ لا في الحال تخسرون، ولا في أنفسكم تتعبون، ولا في جاهكم تنقصون.
وما أخبركم به عن نقص أصنامكم فبالضرورة «١» أنتم تعلمون! فما لكم لا تبصرون؟
و لا لأنفسكم تنظرون؟
(١) أي لا جدال في أنكم تجدونها لا تنفع ولا تضر ولا تستطيع أن تدفع عنها مكروها، فهى لا تليق بتأليه ولا تقديس.