لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ١٩
نزول الوحى عليه. ثم يورد جبريل ذلك على قلبه. ومرة كان يتمثل له الملك فيسمعه.
والرسول - صلوات اللّه عليه - يحفظه ويؤدّيه. واللّه - سبحانه ضمن له أنه سيقرؤه حتى لا ينساه «١». فكان يجمع اللّه الحفظ في قلبه. ويسهّل له القراءة عند لفظه. ولمّا عجز الناس بأجمعهم عن معارضته مع تحدّيه إياهم بالإتيان بمثله.. علم صدقه في أنّه من قبل اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ١٩٦]
وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦)
جميع ما في هذا الكتاب من الأخبار والقصص، وما في صفة اللّه من استحقاق جلاله - موافق لما في الكتب المنزّلة من قبل اللّه قبله، فمهما عارضوه فإنه كما قال جلّ شأنه :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٨ الى ٢٠١]
وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١)
«٢» ثم أخبر أنه لو نزّل هذا الكتاب بغير لسانهم وبلغة غير لغتهم لم يهتدوا إلى ذلك، ولقالوا : لو كان بلساننا لعرفناه ولآمنّا به، فأزاح عنهم العلّة، وأكّد عليهم الحجّة.
ثم أخبر عن صادق علمه بهم، وسابق حكمه بالشقاوة عليهم، وهو أنهم لا يؤمنون به حتى يروا العذاب في القيامة، حين لا ينفعهم الإيمان ولا الندامة.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠٥ الى ٢٠٩]
أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَ ما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩)
إن أرخينا لهم المدّة، وأمهلناهم أزمنة كثيرة - وهم بوصف الغفلة - فما الذي كان ينفعهم إذا أخذهم العذاب بغتة؟!.
ثم أخبر أنه لم يهلك أهل قرية إلّا بعد أن جاءهم النذير وأظهر لهم البينات، فإذا أصرّوا على كفرهم عذّبهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢١٢]
إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)
.

_
(١) يشير بذلك إلى قوله تعالى :«سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى » آية ٦ سورة الأعلى.
(٢) آية ٤٢ سورة فصلت.


الصفحة التالية
Icon