لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٠٢
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٢٥]
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَ بِالزُّبُرِ وَ بِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥)
أي لو قابلوك بالتكذيب فتلك سنّتهم مع كلّ نبىّ، وإن أصرّوا على سنّتهم في الغيّ فلن تجد لسنّة اللّه تبديلا في الانتقام والخزي.
قوله جل ذكره :
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ٢٧ الى ٢٨]
أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَ مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)
بيّن في هذه الآية وأمثالها أن تخصيص الفعل بهيئاته وألوانه من أدلة قصد الفاعل وبرهانه، وفي إتقان الفعل وإحكامه شهادة على علم الصانع وإعلامه.
وكذلك أيضا «مِنَ النَّاسِ وَ الدَّوَابِّ وَ الْأَنْعامِ» : بل جميع المخلوقات متجانس الأعيان مختلف، وهو دليل ثبوت منشها بنعت الجلال.
قوله جل ذكره :«إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ».
«إِنَّما» كلمة تحقيق تجرى من وجه مجرى التحديد أي التخصيص والقصر، فمن فقد العلم باللّه فلا خشية له من اللّه.
والفرق بين الخشية والرهبة أنّ الرهبة خوف يوجب هرب صاحبه فيجرى في هربه، والخشية إذا حصلت كبحت جماح صاحبها فيبقى مع اللّه، فقدمت الخشية على الرهبة في الجملة «١».
والخوف قضية الإيمان، قال تعالى :«وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» «٢» فالخشية قضية العلم، والهيبة توجب المعرفة.
(١) يفيد هذا الكلام في التفرقة بينهما عند بحث المصطلح الصوفي.
(٢) آية ١٧٥ سورة آل عمران.