لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٠٦
و يقال الظالم صاحب سخاء، والمقتصد صاحب جود، والسابق صاحب إيثار «١».
ويقال الظالم صاحب رجاء، والمقتصد صاحب بسط، والسابق صاحب أنس.
ويقال الظالم صاحب خوف، والمقتصد صاحب خشية، والسابق صاحب هيبة.
ويقال الظالم له المغفرة، والمقتصد له الرحمة والرضوان، والسابق له القربة والمحبة.
ويقال الظالم صاحب الدنيا، والمقتصد طالب العقبى، والسابق طالب المولى.
ويقال الظالم طالب النجاة، والمقتصد طالب الدرجات، والسابق صاحب المناجاة.
ويقال الظالم أمن من العقوبة، والمقتصد فاز بالمثوبة، والسابق متحقق بالقربة.
و يقال الظالم مضروب بسوط الحرص، مقتول بسيف الرغبة، مضطجع على باب الحسرة.
والمقتصد مضروب بسوط الندامة، مقتول بسيف الأسف، مضطجع على باب الجود.
والسابق مضروب بسوط التواجد، مقتول بسيف المحبة، مضطجع على باب الاشتياق.
ويقال الظالم صاحب التوكل، والمقتصد صاحب التسليم، والسابق صاحب التفويض.
ويقال الظالم صاحب تواجد، والمقتصد صاحب وجد، والسابق صاحب وجود.
ويقال الظالم صاحب المحاضرة، والمقتصد صاحب المكاشفة، والسابق صاحب المشاهدة.
ويقال الظالم يراه في الآخرة بمقدار أيام الدنيا في كل جمعة مرة، والمقتصد يراه في كل يوم مرة، والسابق غير محجوب عنه البتة.
ويقال الظالم مجذوب إلى فعله الذي هو فضله، والمقتصد مكاشف بوصفه الذي هو عزّه، والسابق المستهلك في حقّه الذي هو وجوده.
قوله :«ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ» لأنه ذكر الظالم مع السابق «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة فاطر (٣٥) : آية ٣٣]
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤاً وَ لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣)
(١) يفيد هذا التقسيم في بحث لغوى عن ترتيب : السخاء والجود والإيثار.
(٢) أعجب القرطبي بمنهج الصوفية في تفسير «الظالم والمقتصد والسابق» على هذا النحو فأورد طائفة كبيرة من أقوالهم استغرقت نحو صفحة ونصف الصفحة (ح ١٤ ص ٣٤٨).