لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢١٤
إذا نسى الناس إخوانهم وخان المودّة خلّانها
فعندى لإخوانى الغائبين صحائف ذكرك عنوانها
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ١٦ الى ١٨]
قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَ ما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَ لَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨)
قال الرسل :«رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ» وليس علمنا إلّا بما أمرنا به من التبليغ والإنذار.
«قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَ لَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ» لنرجمنّكم، ولنصنعنّ، ولنفعلنّ... فأجابهم الرسل : إنكم لجهلكم ولجحدكم سوف تلقون ما توعدون.
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)
فى القصة أنه جاء من قرية فسّماها مدينة، وقال من أقصى المدينة، ولم يكن أقصاها وأدناها ليتفاوتا بكثير، ولكنه - سبحانه - أجرى سنّته في استكثار القليل من فعل عبده إذا كان يرضاه، ويستنزر الكثير من فضله إذا بذله وأعطاه.
«اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً..» فأبلغ الوعظ وصدق النّصح.. ولكن كما قالوا :
و كم سقت في آثاركم من نصيحة وقد يستفيد البغضة المتنصّح
فلمّا صدق في حاله، وصبر على ما لقى من قومه، ورجع إلى التوبة، لقّاه حسن أفضاله، وآواه إلى كنف إقباله، ووجد ما وعده ربّه من لطف أفضاله.


الصفحة التالية
Icon