لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٢٣
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٦٠ الى ٦١]
أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَ أَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)
لو كان هذا القول من مخلوق إلى مخلوق لكان شبه اعتذار أي لقد نصحتكم ووعظتكم، ومن هذا حذّرتكم، وكم أوصلت لكم القول، وذكّرتكم فلم تقبلوا وعظي، ولم تعملوا بأمرى، فأنتم خالفتم، وعلى أنفسكم ظلمتم، وبذلك سبقت القضية منّا لكم.
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : آية ٦٥]
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)
اليوم سخّر اللّه أعضاء بدن الإنسان بعضها لبعض، وغدا ينقض هذه العادة، فتخرج بمض الأعضاء على بعض، وتجرى بينها الخصومة والنزاع فأمّا الكفار فشهادة أعضائهم عليهم مبيدة، وأمّا العصاة من المؤمنين فقد تشهد عليهم بعض أعضائهم بالعصيان، ولكن تشهد لهم بعض أعضائهم أيضا بالإحسان، وكما قيل :
بينى وبينك يا ظلوم الموقف والحاكم العدل الجواد المنصف
و في بعض الأخبار المروية المسندة أنّ عبدا تشهد عليه أعضاؤه بالزّلّة فيتطاير شعره من جفن عينيه، فيستأذن بالشهادة له فيقول الحق : تكلمى يا شعرة جفن عبدى واحتجّى عن عبدى، فتشهد له بالبكاء من خوفه، فيغفر له، وينادى مناد : هذا عتيق اللّه بشعرة.
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : آية ٦٨]
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَ فَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)
؟ يردّه إذا استوى شبابه وقوّته إلى العكس، فكما كان يزداد في القوة يأخذ في النقصان إلى أن يبلغ أرذل العمر في السن فيصير إلى مثل حال الطفولية في الضعف، ثم لا يبقى بعد النقصان شى ء، كما قيل :
طوى العصران ما نشراه منى وأبلى جدنى نشر وطيّ