لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٢٥
اكتفوا بأمثالهم «١» معبودات لهم، ثم سلّى نبيّه - صلى اللّه عليه وسلم بأن قال له :- «فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ» وإذا علم العبد أنّه بمرأى من الحقّ هان عليه ما يقاسيه، ولا سيما إذا كان في اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : آية ٧٧]
أَ وَ لَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧)
أي شددنا أسرهم، وجمعنا نشرهم، وسوّينا أعضاءهم، وركّببنا أجزاءهم، وأودعناهم العقل والتمييز.. ثم إنه «خَصِيمٌ مُبِينٌ» : ينازعنا في خطابه، ويعترض علينا في أحكامنا بزعمه واستصوابه، وكما قيل :
أعلّمه الرماية كلّ يوم فلمّا اشتدّ ساعده رمانى
قوله جل ذكره :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٧٨ الى ٨١] «٢»
وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (٨١)
مهّد لهم سبيل الاستدلال، وقال إن الإعادة في معنى الإبداء، فأى إشكال بقي في جواز الإعادة في الانتهاء؟ وإنّ الذي قدر على خلق النار في الأغصان الرّطبة من المرخ والعفار «٣» قادر على خلق الحياة في الرّمة البالية، ثم زاد في البيان بأن قال : إن القدرة على مثل الشي ء
(١) أي أمثالهم من المخلوقين والمخلوقات.
٢) نزلت حين سأل أبى بن خلف الجمحي رسول اللّه (ص) وقد جاءه بعظم حائل قائلا : يا محمد، أ ترى اللّه يحيى هذا بعد ما رم؟ فقال : نعم، ويبعثك ويدخلك في النار. (أسباب النزول للواحدى ص ٢٤٦).
(٣) المرخ شجر طويل ليس له ورق ولا شوك، سريع الورى، يقتدح به. والعفار الجوز المأكول.
وفي المثل :«فى كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار» (الوسيط).
م (١٥) لطائف الإشارات - ح ٣ [.....]