لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٣٥
لمّا أصابه من الأذى من قومه حين كذّبوه، ولم يسمعوا منه ما كان يقول من حديثنا..
رجع إلينا، فخاطبنا وخاطبناه، وكلمنا وكلمناه، ونادانا فناديناه، وكان لنا فكّنا له، وأجابنا فأجبناه.. فلنعم المجيب كان لنا ولنعم المجيبون كنّا له! «مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ» : شتان بين كرب نوح وبين كرب أهله!
و ما يبكون مثل أخى ولكن أعزّى النّفس عنه بالتأسى
قوله جل ذكره :
[سورة الصافات (٣٧) : آية ٧٧]
وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ (٧٧)
لأنّ الناس كلهم من أولاد نوح، فإنّ من كان معه في السفينة لم يتناسلوا «١»
[سورة الصافات (٣٧) : آية ٧٨]
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨)
يريد به قول الناس عنه إلى يوم القيامة.
قوله جل ذكره :
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٨٣ الى ٨٤]
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (٨٣) إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٤)
يعنى أنّ إبراهيم من شيعة نوح عليه السلام في التوحيد - وإن اختلفا في فروع شرعيهما.
«بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» : لا آفة فيه. ويقال لديغ من المحبة. ويقال : سليم من محبة الأغيار. ويقال سليم من حظوظ نفسه وإرادته. ويقال : مستسلم للّه في قضائه واختياره.
قوله جل ذكره :
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٨٥ الى ٨٧]
إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ (٨٥) أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٨٧)
سألهم على جهة الإنكار عليهم، والتنبيه لهم على موضع غلطتهم.
«فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ؟»
(١) قال ابن عباس : لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءه. [.....]