لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٤٨
قوله جل ذكره :
[سورة ص (٣٨) : آية ١٦]
وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦)
اصبر - يا محمد - على ما يقولون، فإنه لن تطول مدّتهم، ولن نمدّ - فى مقاساتك أذاهم - لبثك ومكثك، وعن قريب سينزل اللّه نصره، ويصدق لك بالتحقيق وعده.
قوله جل ذكره :
[سورة ص (٣٨) : آية ١٧]
اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧)
«ذَا الْأَيْدِ» أي ذا القوة، ولم تكن قوّته قوة نفس، وإنما كانت قوته قوة فعل كان يصوم يوما ويفطر يوما - وهو أشدّ الصوم، وكان قويا في دين اللّه بنفسه وقلبه وهمته.
«أَوَّابٌ» رجّاع «١».
قوله جل ذكره :
[سورة ص (٣٨) : الآيات ١٨ الى ١٩]
إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ (١٨) وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩)
«٢» كان داود يسبّح، والجبال تسبّح، وكان داود يفهم تسبيح الجبال على وجه تخصيص له بالكرامة والمعجزة.
وكذلك الطير كانت تجتمع له فتسبّح اللّه، وداود كان يعرف تسبيح الطير وكلّ من تحّقق بحاله ساعده كلّ شىء كان بقربه، ويصير غير جنسه بحكمه، وفي معناه أنشدوا :
ربّ ورقاء هتوف بالضّحى ذات شجو صرخت في فنن
ذكرت إلفا ودهرا صالحا وبكت شوقا فهاجت حزنى
فبكائى ربّما أرّقها وبكاها ربما أرّقنى
و لقد تشكو فما أفهمها ولقد أشكو فما تفهمنى
غير أنى بالجوى أعرفها وهي أيضا بالجوى تعرفنى
(١) من (آب) يثوب إذا رجع، فكان داود رجّاعا إلى طاعة اللّه ورضاه في كل أمر فهو أهل لأن يقتدى به (القرطبي ج ١٥ ص ١٥٩).
(٢) يرى ابن عباس أن (الإشراق) معناه صلاة الضحى إذ هي بعد طلوع الشمس.