لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٦٢
أي الذي أتيتكم به من الأخبار عن القيامة والحشر، والجنة والنار، وما أخبرتكم به عن نبوّتى وصدقى هو نبأ عظيم، وأنتم أعرضتم عنه.
وما كان لى من علم بالملأ الأعلى واختصامهم فيه لو لا أنّ اللّه عرّفنى، وإلا ما كنت علمته. والملأ الأعلى قوم من الملائكة في السماء العليا، واختصامهم كان في شأن آدم حيث قالوا : أ تجعل فيها من يفسد فيها؟
و قد ورد في الخبر :«أن جبريل سأل الرسول صلى اللّه عليه وسلم عن هذا الاختصام فقال : لا أدرى. فقال جبريل : فى الكفارات والدرجات فالكفارات إسباغ الوضوء فى السّبرات «١»، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات فإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام» «٢». وإنما اختلفوا في بيان الأجر وكمية الفضيلة فيها - فيجتهدون ويقولون إن هذا أفضل من هذا، ولكنهم في الأصل لا يجحدون.
.. وهذا إنما يوحى إليّ وأنا منذر مبين.
قوله جل ذكره :
[سورة ص (٣٨) : آية ٧١]
إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١)
إخباره الملائكة بذلك إنما يدلّ على تفخيم شأن آدم لأنه خلق ما خلق من الكونين «٣»،
(١) السبرات جمع سبرة بسكون الباء وهي الغداة الباردة.
(٢) روى الخبر أبو الأشهب عن الحسن هكذا :«سألنى ربى فقال : يا محمد، فيم اختصم الملأ الأعلى؟
قلت في الكفارات والدرجات، قال : ما الكفارات؟ قلت :
المشي على الأقدام إلى الجماعات....» أخرجه الترمذي بمعناه عن ابن عباس، وقال فيه حديث غريب. وعن معاذ بن جبل أيضا وقال : حديث حسن صحيح.
(٣) هكذا في م وهى في ص (المكذبين) وهي خطأ في النسخ كما هو واضح.