لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٦٨
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٤]
لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤)
خاطبهم على قدر عقولهم وعقائدهم حيث قالوا : المسيح ابن اللّه، وعزيز ولد اللّه فقال :
لو أراد أن يتّخذ ولدا للتبنّى والكرامة لاختار من الملائكة الذين هم منزّهون عن الأكل والشرب وأوصاف الخلق.
ثم أخبر عن تقدّسه عن ذلك فقال :«سُبْحانَهُ هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ» تنزيها له عن اتخاذ الأولاد.. لا في الحقيقة لاستحالة معناه في نعته، ولا بالتبنى لتقدّسه عن الجنسية والمحالات، وإنما يذكر ذلك على جهة استبعاد إذ لو كان ذلك فكيف كان يكون حكمه؟ كقوله تعالى :«لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا «١»».
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٥]
خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥)
أي خلقهما وهو محقّ في خلقهما.
يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يدخل الليل على النهار، ويدخل النهار على الليل في الزيادة والنقصان، وسخّر الشمس والقمر. وقد مضى فيما تقدم اختلاف أحوال العبد في القبض والبسط، والجمع والفرق، والأخذ والرد، والصحو والسّكر، ونجوم العقل وأقمار العلم، وشموس المعرفة ونهار التوحيد، وليالى الشّكّ والجحد ونهار الوصل، وليالى الهجر والفراق وكيفية اختلافها، وزيادتها ونقصانها.
أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ «الْعَزِيزُ» المتعزّز على المحبين، «الْغَفَّارُ» للمذنبين.
(١) آية ٢٢ سورة الأنبياء.