لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٧٠
أي : أنا خلقتكم وأنا رزقتكم وأنا صوّرتكم فأحسنت صوركم، وأنا الذي أسبغت عليكم إنعامى، وخصعتكم بجميل إكرامى، وأغرقتكم في بحار أفضالى، وعرفتكم استحقاق جمالى وجلالى، وهديتم إلى توحيدى، وألزمتكم رعاية حدودى... فما لكم لا تنقطعون بالكلية إليّ؟ ولا ترجون ما وعدتكم لديّ؟ وما لكم في الوقت بقلوبكم لا تنظرون إليّ؟
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٧]
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)
إن أعرضتم وأبيتم، وفي جحودكم تماديتم.. فما نفتقر إليكم إذ نحن أغنياء عنكم، ولكنّى لا أرضى لكم أن تبقوا عنى! يا مسكين... أنت إن لم تكن لى فأنا عنك غنيّ، وأنا إن لم أكن لك فمن تكون أنت؟ ومن يكون لك؟ من الذي يحسن إليك؟ من الذي ينظر إليك؟ من الذي يرحمك؟
من الذي ينثر التراب على جراحك؟
من الذي يهتم بشأنك؟ بمن تسلو إذا بقيت عنّى؟ من الذي يبيعك رغيفا بمثاقيل ذهب؟!.
عبدى.. أنا لا أرضى ألا تكون لى وأنت ترضى بألا تكون لى! يا قليل الوفاء، يا كثير التجنّى! إن أطعتنى شكرتك، وإن ذكرتنى ذكرتك، وإن خطوت لأجلى خطوة ملأت السماوات والأرضين من شكرك :
لو علمنا أنّ الزيارة حقّ لفرشنا الخدود أرضا لترضى


الصفحة التالية
Icon