لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٧٤
عقائدهم يستديم حجابهم، ولا ينقطع عنهم عقابهم «١».
«ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ...» إن خفت اليوم كفيت خوف ذلك اليوم وإلّا فبين يديك عقبة كوود.
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ١٧]
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَ أَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧)
«٢» طاغوت كلّ إنسان نفسه وإنما يجتنب الطاغوت من خالف هواه، وعانق رضا مولاه.
وعبادة النّفس بموافقة الهوى - وقليل من لا يعبد هواه، ويجتنب حديث النّفس.
«وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ» : أي رجعوا إليه في كل شى ء.
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ١٨]
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَ أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨)
«٣» «يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ» يقتضى أن يكون الاستماع لكل شى ء، ولكن الاتباع يكون للأحسن. «أَحْسَنَهُ» : وفيه قولان أحدهما أن يكون بمعنى الحسن ولا تكون الهمزة للمبالغة، كما يقال ملك أعزّ أي عزيز. والثاني : والأحسن على المبالغة، والحسن ما كان مأذونا فيه في صفة الخلق ويعلم ذلك بشهادة العلم «٤»، والأحسن هو الأولى والأصوب. ويقال الأحسن ما كان للّه دون غيره، ويقال الأحسن هو ذكر اللّه خالصا له. ويقال من عرف اللّه لا يسمع إلا باللّه.
(١) إن استيلاء الحب على قلب الصوفي يجعله ينظر إلى العقوبة في الآخرة على أنها أقل تعذيبا إذا قيست بعذاب الهجر والنأى، أو على حد تعبيرهم جهنم الاحتراق أخف من جهنم الفراق.. ولهم في ذلك أقوال جريئة كثيرة (انظر كتابنا : نشأة التصوف الإسلامى ط دار المعارف ص ٢٤٨).
(٢) قال ابن زيد : نزلت هذه الآية في ثلاثة أنفار كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا اللّه، وهم زيد بن عمرو وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي (الواحدي ص ٢٤٧).
(٣) نزلت في عثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة وسعيد بن زيد وسعد بن أبى وقاص وكان استماعهم لأبى بكر وهو يخبرهم بإيمانه (الواحدي ص ٢٤٧، ٢٤٨).
(٤) استخدم القشيري هذا المفهوم في تأييد وترخيص «السماع» بالمعنى الصوفي (الرسالة ص ١٦٦).