لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٢٨٤
فيقبض أرواحها «١». وقبض الأرواح في حال الموت بإخراج اللطيفة التي في البدن وهي الروح، ويخلق بدل الاستشعار والعلم الغفلة والغيبة في محالّ الإحساس والإدراك. ثم إذا قبض الأرواح عند الموت خلق في الأجزاء الموت بدل الحياة، والموت ينافى الإحساس والعلم. وإذا ردّ الأرواح بعد النوم إلى الأجساد خلق الإدراك في محل الاستشعار فيصير الإنسان متيقظا، وقبض اللّه الأرواح في حال النوم وردت به الأخبار، وذلك على مراتب فإنّ روحا تقبض على الطهارة ترفع إلى العرش وتسجد للّه تعالى، وتكون لها تعريفات، ومعها مخاطبات «و الله أعلم».
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٤٣]
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَ وَ لَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَ لا يَعْقِلُونَ (٤٣)
أي أنهم - وإن اتخذوا على زعمهم من دون اللّه شفعاء بحكمهم لا بتعريف من قبل اللّه أو إخبار - فإنّ اللّه تعالى لا يقبل الشفاعة من أحد إلّا إذا أذن بها، وإنّ الذي يقولونه إنما هو افتراء على اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٤٥]
وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٥)

_
اللطافة في الصورة ككون الملائكة والشياطين بصفة اللطافة» ثم يعود بعد قليل متحدثا عن الروح فيقول : الأرواح مختلف فيها عند أهل التحقيق من أهل السنة فمنهم من يقول إنها الحياة، ومنهم من يقول إنها أعيان مودعة في القالب (اللطائف ح ٢ ص ٣٦٧) وفي تقديرنا أن المسألة ذات جانبين : فإذا نظرنا إلى الموضوع خارج دائرة التصوف فالروح والنفس بمعنى واحد متصل بالحياة، وقبضهما معناه موت البدن بدليل ما ورد عن الرسول (ص)، فهو مرة يقول (كما في حديث أم سلمة) : دخل رسول اللّه (ص) على أبى سلمة وقد شق ( - انفتح) بصره فأغمضه ثم قال :«إن الروح إذا قبض تبعه البصر» وفي مرة أخرى يقول (ص) فى حديث صحيح خرجه ابن ماجه :«تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قالوا اخرجى أيتها النفس الطيبة...» وفي صحيح مسلم : قال «ص» :«إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها».
أما الجانب الآخر للمسألة فهو كونهما مصطلحين صوفيين فالنفس محل المعلولات والروح محل المحمودات..
وذلك ركن هام في مذهب القشيري لم يتخل عنه في كتاب من كتبه، كما هو مذهب كثيرين من المتصوفة.
(١) قبض الروح عند النوم معناه ترقيها (الرسالة ص ٤٨).


الصفحة التالية
Icon