لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٠٦
نصحهم واحتجّ عليهم فلم ينجع فيهم نصح ولا قول. وكم كرّر ذلك المؤمن من آل فرعون القول وأعاد لهم النّصح! فلم يستمعوا له، وكان كما قيل :
و كم سقت في آثاركم من نصيحة وقد يستفيد البغضة المتنصّح
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : آية ٣٤]
وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤)
بيّن أنّ تكذيبهم كتكذيب آبائهم وأسلافهم من قبل، وكما أهلك أولئك قديما كذلك يفعل بهؤلاء.
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]
وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَ كَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَ صُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَ ما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ (٣٧)
السبب ما يتوصّل به إلى الشيء أي لعلّى أصل إلى السماء فأطّلع إلى إله موسى. ولو لم يكن من المضاهاة بين من قال إن المعبود في السماء وبين الكافر إلا هذا لكفى به خزيا لمذهبهم «١».
وقد غلط فرعون حين توهّم أنّ المعبود في السماء، ولو كان في السماء لكان فرعون مصيبا فى طلبه من السماء.
قوله جل ذكره :«وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَ صُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَ ما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ».
أخبر أنّ اعتقاده بأنّ المعبود في السماء خطأ، وأنّه بذلك مصدود عن سبيل اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩)

_
(١) هنا يغمز القشيري بالمشبهة غمزة قاسية (انظر ص ٣٤٥ من هذا المجلد).


الصفحة التالية
Icon