لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣١١
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : آية ٥٥]
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ (٥٥)
الصبر في انتظار الموعود من الحقّ على حسب الإيمان والتصديق فمن كان تصديقه ويقينه أتمّ وأقوى كان صبره أتمّ وأوفى.
«إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» : وهو - سبحانه - يعطى وإن توهّم العبد أنه يبطى.
ويقال الصبر على قسمين : صبر على العافية، وصبر على البلاء، والصبر على العافية أشدّ من الصبر على البلاء، فصبر الرجال على العافية وهو أتمّ الصبر «١».
«وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ». وفي هذا دليل على أنه كانت له ذنوب، ولم يكن جميع استغفاره لأمته لأنه قال في موضع آخر «وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ» «٢» وهنا لم يذكر ذلك. ويمكن حمل الذّنب على ما كان قبل النبوة إذ يجوز أن يكون العبد قد تاب من الزّلّة ثم يجب عليه الاستغفار منها كلما ذكرها، فإن تجديد التوبة يجب كما يجب أصل التوبة «٣».
قوله جل ذكره :
[سورة غافر (٤٠) : آية ٥٦]
إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦)
«بِغَيْرِ سُلْطانٍ» : أي بغير حجة.
«إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ» أي ليس في صدورهم إلا كبر يمنعهم عن الانقياد للحق، ويبقون به عن اللّه، ولا يصلون إلى مرادهم.

_
١) لأن قوة الإنسان قد تنسيه ذكر المنعم فيصبر عنه - وهذا جفاء، ولكن ضعف الإنسان في البلاء يدعوه إلى الصبر في اللّه، قال قائلهم :
و الصبر عنك فمذموم عواقبه والصبر في سائر الأشياء محمود
(٢) آية ١٩ سورة محمد.
(٣) تفيد هذه الآراء عند بحث قضية كلامية هى : عصمة الأنبياء.


الصفحة التالية
Icon