لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٢٢
«وَبارَكَ فِيها» : البركة الزيادة.. فيأتيهم المطر ببركات الأولياء، ويندفع عنهم البلاء ببركات الأولياء.
«وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها» : وجعلها مختلفة في الطّعم والصورة والمقدار. وأرزاق القلوب والسرائر كما مضى ذكره فيما تقدم.
قوله جل ذكره :
[سورة فصلت (٤١) : آية ١١]
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١)
«اسْتَوى » أي قصد، وقيل فعل فعلا هو الذي يعلم تعيينه «١»
ويقال رتّب أقطارها، وركّب فيها نجومها وأزهارها.
«فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» : هذا على ضرب المثل أي لا يتعسّر عليه شىء مما خلقه، فله من خلقه ما أراده. وقيل بل أحياهما وأعقلهما وأنطقهما فقالتا ذلك. وجعل نفوس العابدين أرضا لطاعته وعبادته، وجعل قلوبهم فلكا لنجوم علمه وشموس معرفته.
وأوتاد النفوس الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة. وفي القلوب ضياء العرفان، وشموس التوحيد، ونجوم العلوم والعقول والنفوس. والقلوب بيده يصرّفها على ما أراد من أحكامه.
قوله جل ذكره :
[سورة فصلت (٤١) : آية ١٢]
فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَ حِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)
.
(١) تقول الغرب : فعل فلان كذا ثم استوى إلى عمل كذا يريدون أنه أكمل الأول وابتدأ الثاني، ويفهم منه أن خلق السماء كان بعد خلق الأرض (النسفي ح ٤ ص ٨٩).
ومن قال إنه صفة ذاتية زائدة تكون على معنى استوى في الأزل بصفاته (القرطبي ح ١٥ ص ٣٤٣) وعلى الرأى الأول يكون الاستواء من صفات الفعل وعلى الثاني يكون من صفات الذات.