لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٢٨
مستقيم (فى أصول) «١»
التوحيد والمعرفة.. وهذه صفة جميع المؤمنين «٢»
ومستقيم في الفروع من غير عصيان.. وهؤلاء مختلفون فمنهم.. ومنهم، ومنهم.
«وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ» : الذين لهم البشارة هم كل من استقام في التوحيد، ولم يشرك.. فله الأمان من الخلود «٣»
. ويقال : من كان له أصل الاستقامة أمن «٤»
من الخلود في النار، ومن له كمال الاستقامة أمن من الوعيد من غير أن يلحقة سوء بحال.. ثم الاستقامة لهم على حسب أحوالهم فمستقيم في عهده. ومستقيم في عقده، ومستقيم في جهده ومراعاة حدّه، ومستقيم فى عقده وجهده وحدّه وحبّه وودّه.. وهذا أتمّهم.
ويقال : استقاموا على دوام الشهود وعلى انفراد القلب باللّه.
ويقال : استقاموا في تصفية العقد ثم في توفية العهد ثم في صحة القصد بدوام الوجد.
ويقال : استقاموا بأقوالهم ثم بأعمالهم، ثم بصفاء أحوالهم في وقتهم وفي مآلهم.
و يقال : أقاموا على طاعته، واستقاموا في معرفته، وهاموا في محبته، وقاموا بشرائط خدمته.
ويقال : استقامة الزاهد ألا يرجع إلى الدنيا، وألا يمنعه الجاه بين الناس عن اللّه. واستقامة العارف ألا يشوب معرفته حظّ في الدارين فيحجبه عن مولاه. واستقامة العابد ألا يعود إلى فترته واتباع شهوته، ولا يتداخله رياء وتصنّع. واستقامة «٥»
المحبّ ألا يكون له أرب من محبوبه، بل يكتفى من عطائه ببقائه، ومن مقتضى جوده بدوام عزّه ووجوده.
«أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا» : إنما يكون الخوف في المستقبل من الوقت، من حلول مكروه أو فوات محبوب، فالملائكة يبشرونهم بأن كل مطلوب لهم سيكون، وكل محذور لهم لا يكون.

_
(١) هكذا في م وهي في ص (على أصل) وهي مقبولة حسب قوله تعالى في موضع آخر (استقاموا على الطريقة) ولكننا آثرنا (فى أصول) لتنسجم مع الفروع. [.....]
(٢) عن أنس قال : لمّا نزلت هذه الآية قال النبي (ص) :«هم أمتى ورب الكعبة».
(٣) أي التخليد في النار.. ويقصد بهم أصحاب المنزلة بين المنزلتين.
(٤) لاحظ الربط بين الأمن والأمان من ناحية والإيمان من ناحية أخرى.
(٥) أي أن مجرد ذكر المحب للّه (الباقي) يكفيه عن تذكر أي عطاء أو منع، فحسبه اللّه.


الصفحة التالية
Icon