لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٣٠
و هذا الخطاب يحتمل أن يكون من قبل الملائكة الذين تنزلوا عليهم، ويحتمل أن يكون ابتداء خطاب من اللّه.
والنصرة تصدر من المحبة فلو لم تكن المحبة الأزلية لم تحصل النصرة في الحال.
ويقال :«نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا»
بتحقيق المعرفة، «وَفِي الْآخِرَةِ»
بتحصيل المغفرة.
ويقال «نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا»
بالعناية، «وَفِي الْآخِرَةِ»
بحسن الكفاية وجميل الرعاية.
«فِي الْحَياةِ الدُّنْيا»
بالمشاهدة، «وَفِي الْآخِرَةِ»
بالمعاينة.
فى الدنيا بالرضاء بالقضاء، وفي الآخرة باللقاء في دار البقاء.
فى الدنيا بالإيمان، وفي الآخرة بالغفران.
فى الدنيا بالمحبة، وفي الآخرة بالقربة.
«وَلَكُمْ فِيها»
أي في الجنة «ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ»
: الولاية نقد، وتحصيل الشهوات وعد، فمن يشتغل بنقده قلّما يشتغل بوعده «١»
«وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ»
: أي ما تريدون، وتدعون اللّه ليعطيكم.
«نُزُلًا» : أي فضلا وعطاء، وتقدمة لما يستديم إلى الأبد من فنون الأفضال ووجوه المبارّ «٢»

_
(١) تفيد هذه الإشارة الممتعة حقا في توضيح الفكرة الصوفية الشائعة التي تقول إن العبادة الحقة هي المجردة عن الطمع في الثواب والخوف من العقاب.. وهي عند القشيري من أمارات الولاية والمحبة الصافية.. ويمعن بعض الصوفية في ذلك فيدفعهم طلب اللّه لذاته إلى القول :
أريدك لا أريدك للثواب ولكنى أريدك للعقاب
فكل مآربى قد نلت منها سوى ملذوذ وجدى بالعذاب
(٢) فتكون (نزلا) منصوب على المصدر أي أنزلناه نزلا. وقيل : على الحال. وقيل هو جمع نازل أي لكم ما تدعون نازلين.


الصفحة التالية
Icon