لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٣٧٥
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٧٢]
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢)
أي يقال لهم - والخطاب للمطيعين غدا - : أنتم يا أصحاب الإخلاص في أعمالكم والصدق في أحوالكم :
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٧٣]
لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣)
من الفاكهة الكثيرة تأكلون، وفي الأنس تتقبلون.
قوله جل ذكره :
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥)
هؤلاء هم الكفار المشركون، فهم أهل الخلود «١»، لا يفتّر عنهم العذاب ولا يخفف.
وأمّا أهل التوحيد : فقد يكون منهم قوم في النار. ولكن لا يخلدون فيها.
ودليل الخطاب يقتضى أنه يفتّر عنهم العذاب. ورد فى الخبر الصحيح : أنه يميتهم الحقّ - سبحانه - إماتة إلى أن يخرجهم من النار - والميت لا يحسّ ولا يتألم «٢».
«لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ» الإبلاس «٣» من الخيبة، ويدل ذلك على أن المؤمنين لا يأس لهم فيها، وإن كانوا في بلائهم فهم على وصف رجائهم يعدون أيامهم إلى أن ينتهى حسابهم.
ولقد قال الشيوخ : إنّ حال المؤمن في النار - من وجه - أروح لقلبه من حاله في الدنيا فاليوم - خوف الهلاك، وغدا - يقين النجاة، وأنشدوا :
عيب السلامة أنّ صاحبها متوقّع لقواصم الظّهر
و فضيلة البلوى ترقّب أهلها - عقب الرجاء - مودة الدهر
(١) يضاف هذا الكلام إلى رأى القشيري في أبدية النار، على خلاف ما يذهب إليه بعض الباحثين من أن القوة الجسمانية متناهية فلا به من فنائها، ولأن دوام الإحراق مع بتاء الحياة خروج عن حكم العقل (انظر شرح المواقف، ج ٨، ص ٣٠٧ وشرح المقاصد، ج ٢، ص ٢٢٨.
٢) روى أحمد في مسنده :«.. أماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجىء بهم بنائر بضائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قبل : يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فلون لبات الجنة..
(٣) أبلس : سكت لمرئه وانقطاع حجته.