لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤١٨
كلا القسمين - المتقدّم والمتأخّر - كان قبل النبوة «١».
ويقال «ما تَقَدَّمَ» من ذنب آدم بحرمتك، «وَما تَأَخَّرَ» : من ذنوب أمّتك «٢».
وإذا حمل على ترك الأولى «٣» فقد غفر له جميع ما فعل من قبيل ذلك، قبل النبوة وبعدها «٤».
ولمّا نزلت هذه الآية قالوا : هنيئا لك! فأنزل اللّه تعالى :
«لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها».. ويقال :
حسنات الأبرار سيئات المقربين.
وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً يتم نعمته عليك بالنبوة، وبوفاء العاقبة، وببسط الشريعة، وبشفاعته لأمته، وبرؤية اللّه غدا، [و بإظهار دينه على الأديان، وبأنه سيد ولد آدم، وبأنه أقسم بحياته، وخصّه بالعيان ] «٥».
وبسماع كلامه سبحانه ليلة المعراج، وبأن بعثه إلى سائر الأمم.. وغير ذلك من مناقبه.
«وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً» يثبتك على الصراط المستقيم، ويزيدك هداية على هداية، ويهدى بك الخلق إلى الحقّ.
ويقال : يهديك صراطا مستقيما بترك حظّك.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ٣]
وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (٣)
١) نصّ القشيري على «قبل النبوة» لأن الأنبياء معصومون من الذنب.
(٢) هذا أيضا قول عطاء الخراسانى.
(٣) ترك الأولى تعبير أدبى مهذب عن «الذنب». ويقال : كان الذنب المتقدم على يوم بدر قوله صلى اللّه عليه وسلم :«اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض». والذنب المتأخر كان يوم حنين حيث رمى جمرات فى وجوه المشركين قائلا :«شاهت الوجوه.. حم. لا ينصرون». فانهزم القوم عن آخرهم، ولم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملا وحصباء. وعند عودة النبي مع أصحابه قال لهم : لو لم أرمهم لم ينهزموا! فأنزل اللّه عز وجل :
و ما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى.
(٤) روى الترمذي عن أنس أن النبي فرح بهذه الآية فرحا شديدا وقال : لقد أنزلت على آية أحب إلى ما على وجه الأرض». [.....]
(٥) ما بين القوسين الكبيرين موجود في ص وغير موجود في م.