لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٢١
و يقال : شاهدا من قبلنا، ومبشّرا بأمرنا، ونذيرا من لدنّا ولنا ومنا.
قوله جل ذكره :
[سورة الفتح (٤٨) : آية ٩]
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ وَ تُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً (٩)
قرىء «١» :«ليؤمنوا» بالياء لأن ذكر المؤمنين جرى، أي ليؤمن المؤمنون باللّه ورسوله ويعزروه وينصروه أي الرسول، ويؤقروه : أي يعظّموا الرسول. وتسبّحوه : أي تسبّحوا اللّه وتنزهوه بكرة وأصيلا «٢».
وقرى ء :«لِتُؤْمِنُوا» - بالتاء - أيها المؤمنون باللّه ورسوله وتعزروه - على المخاطبة.
وتعزيره يكون بإيثاره بكلّ وجه على نفسك، وتقديم حكمه على حكمك. وتوقيره يكون باتباع سنّته، والعلم بأنه سيّد بريّته «٣».
قوله جل ذكره :
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٠]
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠)
و هذه البيعة هي بيعة الرضوان بالحديبية تحت سمرة «٤».
وذلك أن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - بعث عثمان رضى اللّه عنه إلى قريش ليكلّمهم فأرجفوا بقتله. وأتى عروة بن مسعود «٥» إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال :
جئت بأوشاب الناس لتفضّ بيضتك بيدك، وقد استعدت قريش لقتالك، وكأنّى بأصحابك
(١) قراءة ابن كثير وابن محيصن وأبى عمرو | وكذلك «يسبحوه» بالياء، والباقون بالتاء على الخطاب |
(٣) عزرت الرجل أي رددت عنه ونصرته وأيّدته - وهو من الأضداد - لأنه قد يأتى بمعنى أدّبته ولسته.
(٤) إشارة إلى قوله تعالى :«لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» والسمرة : شجرة الطلح.
(٥) جاء في السيرة لابن إسحاق - ٣ ص ٧٧٨.
بعد أن خرج الرسول صلى اللّه عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت، فلما سمعت قريش بذلك استعدت لقتاله مع أنه لم يكن ينوى قتالا وتعاقبت السفراء بينه وبينهم، وكان كل سفير من قريش يذهب إلى النبي ثم يعود ليقنع قريش بحقيقة نية النبي ولكنهم كانوا لا يرضون بما جاء به، حتى جاء دور عروة بن مسعود الثقفي - وهو عند قريش غير متهم وقال للنبى «إن قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل، قد لبسوا جلود النمور، يعاهدون اللّه لا تدخلها أبدا عليهم عنوة. وحينما قال عروة : وايم اللّه لكأنى بهؤلاء - يريد أصحاب الرسول - قد انكشفوا عنك غدا. فانبرى أبوبكر قائلا : أ نحن ننكشف عنه... إلخ.