لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٢٣
قوله جل ذكره :
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١١]
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَ أَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١١)
لمّا قصد رسول اللّه عليه وسلم التوجه إلى الحديبية تخلّف قوم من الأعراب عنه. قيل : هم أسلم وجهينة وغفار ومزينة وأشجع، وقالوا :«شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَ أَهْلُونا» وليس لنا من يقوم بشأننا وقالوا : انتظروا ماذا يكون فماهم في قريش إلّا أكلة رأس «١». فلما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءوه معتذرين بأنه لم يكن لهم أحد يقوم بأمورهم! وقالوا : استغفر لنا.
فأطلعه اللّه - سبحانه - على كذبهم ونفاقهم وأنهم لا يقولون ذلك إخلاصا، وعندهم سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، فإنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
«قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً» فضحهم. ويقال : ما شغل العبد عن اللّه شؤم عليه.
و يقال : عذر المماذق وتوبة المنافق كلاهما ليس حقائق.
قوله جل ذكره
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٢]
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَ الْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَ زُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَ ظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَ كُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (١٢)
حسبتم أن لن يرجع الرسول والمؤمنون من هذه السفرة إلى أهليهم أبدا، وزيّنت لكم الأمانى ألا يعودوا، وأنّ اللّه لن ينصرهم. «وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً» أي هالكين فاسدين.

_
(١) أي هم قليل.


الصفحة التالية
Icon