لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٢٧
و ثبّتهم باليقين. «وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً» هو فتح خيبر بعد مدة يسيرة، وما حصلوا عليه من مغانم كثيرة من خيبر. وقيل ما يأخذونه إلى يوم القيامة «١».
وفي الآية دليل على أنه قد تخطر ببال الإنسان خواطر مشكّكة، وفي الرّيب موقعة، ولكن لا عبرة بها فإنّ اللّه سبحانه إذا أراد بعبد خيرا لازم التوحيد قلبه، وقارن التحقيق سرّه فلا يضرّه كيد الشيطان، قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ» «٢».
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها ويدخل في ذلك جميع ما يغنمه المسلمون إلى القيامة فعجّل لكم هذه - يعنى خيبر «٣»، وقيل : الحديبية.
«وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ» لما خرجوا من المدينة حرسهم اللّه، وحفظ عيالهم، وحمى بيضتهم حين هبّ اليهود «٤» فى المدينة بعد خروج المسلمين، فمنعهم اللّه عنهم.
أو يقال : كفّ أيدى الناس من أهل الحديبية.
«وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ يَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً» لتكون هذه آية للمؤمنين وعلامة يستدّلون بها على حراسة اللّه لهم.
«وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً» : فى التوكل على اللّه والثقة به.
ويقال : كفّ أيدى الناس عن العبد هو أن يرزقه من حيث لا يحتسب، لئلا يحتاج إلى أن يتكفّف الناس.
ويقال : أن يرفع عنه أيدى الظّلمة.

_
(١) هذا أيضا قول ابن عباس ومجاهد.
(٢) آية ٢٠١ سورة الأعراف.
(٣) يرجح أنها خيبر، لأن الحديبية كان فيها صلح.
(٤) يرجح الطبري ذلك، لأن كف أيدى المشركين في الحديبية مذكور في قوله تعالى :
«وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ»


الصفحة التالية
Icon