لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٣٨
أمرهم بحفظ حرمته، ومراعاة الأدب في خدمته وصحبته، وألّا ينظروا إليه بالعين التي ينظرون بها إلى أمثالهم. وأنه إذا كان بخلقه يلاينهم فينبغى ألا يتبسّطوا معه متجاسرين، ولا يكونوا مع ما يعاشرهم به من تخلّقه عن حدودهم زائدين.
ويقال : لا تبدأوه بحديث حتى يفاتحكم.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجرات (٤٩) : آية ٣]
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)
هم الذين تقع السكينة عليهم من هيبة حضرته، أولئك هم الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى بانتزاع حبّ الشهوات منها، فاتقوا سوء الأخلاق، وراعوا الأدب.
ويقال : هم الذين انسلخوا من عادات البشرية.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجرات (٤٩) : الآيات ٤ الى ٥]
إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
أي لو عرفوا قدرك لما تركوا حرمتك، والتزموا هيبتك.
ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم ولم يستعجلوا، ولم يوقظوك وقت القيلولة بمناداتهم لكان خيرا لهم «١».
أمّا أصحابه - صلوات اللّه عليه وسلامه - الذين يعرفون قدره فإنّ أحدهم - كما في الخبر :
«كأنه يقرع بابه بالأظافر».
(١) يقال : نزلت في قوم من بنى تميم منهم الأقرع بن حابس وسويد بن هاشم، ووكيع بن وكيع، وعيينة ابن حصن، وأن الأقرع نادى النبي (ص) من وراء حجرته أن اخرج إلينا فإن مدحنا زين وذمّنا شين. وكان ذلك وقت الظهيرة والنبي في راحته وبعض شئونه الخاصة. فاستيقظ وخرج لهم. [.....]