لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٤١
أن يقاتلها حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة. فإن استجابت إلى الطاعة يعفى عنها لأنها هي المطيّة إلى باب اللّه.
قوله جل ذكره :
[سورة الحجرات (٤٩) : آية ١٠]
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)
إيقاع الصلح بين المتخاصمين من أوكد عزائم الدّين.
وإذا كان ذلك واجبا فإنه يدل على عظم وزر الواشي والنّمام والمصدر في إفساد ذات البين.
(و يقال إنما يتم ذلك بتسوية القلب مع اللّه فإن اللّه إذا علم صدق همة عبد في إصلاح ذات البين) «١» فإنه يرفع عنهم تلك العصبيّة «٢».
فأما شرط الأخوة : فمن حقّ الأخوة في الدّين ألا تحوج أخاك إلى الاستعانة بك أو التماس النصرة عنك، وألا تقصّر في تفقّد أحواله بحيث يشكل عليك موضع حاجته فيحتاج إلى مساءلتك.
ومن حقّه ألا تلجئه إلى الاعتذار لك بل تبسط عذره فإن أشكل عليك وجهه عدت باللائمة على نفسك في خفاء عذره عليك ومن حقه أن تتوب عنه إذا أذنب، وتعوده إذا مرض. وإذا أشار عليك بشىء فلا تطالبه بالدليل عليه وإبراز الحجّة - كما قالوا :
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم لأيّة حرب أم لأى مكان
و من حقّه أن تحفظ عهده القديم، وأن تراعى حقّه في أهله المتصلين به في المشهد والمغيب، وفي حال الحياة وبعد الممات «٣» - كما قيل :
و خليل إن لم يكن منصفا كنت منصفا
١) ما بين القوسين موجود في م وساقط في ص.
(٢) هكذا في م وهي في ص المعصية ونحن نؤثر الأولى لملاءتها للسياق.
(٣) فى هذه الفقرة ما يدحض مزاعم الذين يقولون بأن الصوفية قوم انعزاليون، لا يفهمون معنى العلاقات الاجتماعية ولا يقدرونها.