لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٥٠
إنّا لم نعجز عن هؤلاء - الذين ذكر أسماءهم - وفيه تهديد لهم وتسلية للرسول.
[سورة ق (٥٠) : آية ١٥]
أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥)
أي إنّا لم نعجز عن الخلق الأول.. فكيف نعجز عن الخلق الثاني - وهو الإعادة؟ لم يعتص علينا فعل شى ء، ولم نتعب من شىء.. فكيف يشق علينا أمر البعث؟ أي ليس كذلك «١».
قوله جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : آية ١٦]
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَ نَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)
نعلم ما توسوس به نفسه من شهوات تطلب استنفاذها، مثل التصنّع مع الخلق، وسوء الخلق، والحقد.. وغير ذلك من آفات النّفس التي تشوّش على القلب والوقت.
«وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» فحبل الوريد أقرب أجزاء نفسه إلى نفسه، والمراد من ذلك العلم والقدرة، وأنه يسمع قولهم، ولا يشكل عليه شىء من أمرهم.
وفي هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وسكون وأنس قلب لقوم.
قوله جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : آية ١٧]
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ (١٧)
خوّفهم بشهود الملائكة وحضور الحفظة، وبكتابتهم عليهم أعمالهم، فهما قعيدا «٢» كلّ
(١) فالاستفهام هنا للإنكار أو للنفى.
(٢) عبر عن المثنى بالمفرد للدلالة بواحد على الاثنين مثل قول الشاعر :
رمانى بأمر كنت منه ووالدي بريئا ومن أجل العلوي رمانى
أي رمانى بأمر كنت منه بريثا وكان والدي منه بريثا.