لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٥٣
و إنما «١» كتبتها بعد ما فعلها - وذلك حين يقول الكافر : لم أفعل هذا، وإنما أعجلنى بالكتابة علىّ، فيقول الملك : ربّنا ما أعجلته..
ويقال : هو الشيطان المقرون به، وحين يلتقيان في جهنم يقول الشيطان : ما أكرهته على كفره، ولكنه فعل - باختياره - ما وسوست به إليه.
فيقول جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]
قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَ ما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)
لا تختصموا لديّ اليوم وقد أمرتكم بالرّشد ونهيتكم عن الغيّ.
قوله جل ذكره :«يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ» «٢» «نَقُولُ لِجَهَنَّمَ»، «وَتَقُولُ» : القول هنا على التوسّع لأنه لو كانت جهنم ممن يجيب لقالت ذلك بل يحييها حتى تقول ذلك.
«هَلْ مِنْ مَزِيدٍ» : على جهة التغليظ، والاستزادة من الكفار.
ويقال : بل تقول «هَلْ مِنْ مَزِيدٍ» : أي ليس فيّ زيادة كقوله عليه السلام لمّا قيل له :
يوم فتح مكة : هل ترجع إلى دارك؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل دارا؟! «٣» أي لم يترك، فإن اللّه - تعالى - يملأ جهنم من الكفار والعصاة، فإذا ما أخرج العصاة من المؤمنين ازداد غيظ الكفار حتى تمتلئ بهم جهنم.
(١) هكذا في ص وهي في م (ما) والصواب ما أثبتنا.
(٢) عن قتادة عن أنس عن النبي (ص) قال : يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه فتقول قط قط. وفي رواية أبى هريرة : يقال لجهنم هل امتلأت وتقول : هل من مزيد فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول : قط قط (البخاري ح ٣ ص ١٢٨).
(٣) عن الزهري عن على بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أنه قال زمن الفتح : يا رسول اللّه، أين تنزل غدا؟ قال النبي (ص) : وهل ترك لنا عقيل من منزل؟ ثم قال : لا يرث المؤمن الكافر ولا يرث الكافر المؤمن (البخاري ح ٣ ص ٤٢).