لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٥٦
قوله جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٦]
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦)
أي اعتبروا بالذين تقدّموكم انهمكوا في ضلالتهم، وأصرّوا، ولم يقلعوا.. فأهلكناهم وما أبقينا منهم أحدا.
قوله جل ذكره :
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٧]
إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ (٣٧)
قيل :«لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ» : أي من كان له عقل. وقيل : قلب حاضر. ويقال قلب على الإحسان مقبل. ويقال : قلب غير قلّب.
«أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ» : استمع إلى ما ينادى به ظاهره من الخلق وإلى ما يعود إلى سرّه من الحق «١». ويقال : لمن كان له قلب صاح لم يسكر «٢» من الغفلة. ويقال : قلب يعد أنفاسه مع اللّه. ويقال : قلب حيّ بنور الموافقة. ويقال : قلب غير معرض عن الاعتبار والاستبصار.
ويقال :«القلب - كما في الخبر - بين إصبعين من أصابع الرحمن» : أي بين نعمتين وهما ما يدفعه عنه من البلاء، وما ينفعه به من النّعماء، فكلّ قلب منع الحقّ عنه الأوصاف الذميمة وألزمه النعوت الحميدة فهو الذي قال فيه :«إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ».
و في الخبر :«إن للّه أوانى ألا وهي القلوب، وأقربها من اللّه ما رقّ وصفا» شبّه القلوب بالأوانى فقلب الكافر منكوس لا يدخل فيه شى ء، وقلب المنافق إناء مكسور، ما يلقى فيه من أوّله يخرج من أسفله، وقلب المؤمن إناء صحيح غير منكوس يدخل فيه الإيمان ويبقى.

_
- «كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ». و«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ».. وقوله «ص».. «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته يوم القيامة». وأجمعوا على أنه لا يرى في الدنيا بالأبصار، ولكن بالقلوب لأن الدنيا دار فناء ولا يرى الباقي في الدار الفانية.. وهي على العموم رؤية بلا كيفية ولا إحاطة.
(١) هكذا في م وهي في ص (الخلق) وهي خطأ في النسخ.
(٢) هكذا في م وهي في ص (يسكن) وهي خطأ في النسخ.


الصفحة التالية
Icon