لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٦
قوله جل ذكره :
[سورة النمل (٢٧) : آية ٦٣]
أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣)
إذا أظلم الوقت على صاحبه في متعارض الخواطر عند استبهام وجه الصواب، وضاق الأمر بسبب وحشة التدبير وظلمات أحوال التجويز، والتحيّر عند طلب ترجيح بعض الخواطر على بعض بشواهد العقل.. فمن الذي يرشدكم لوجه الصواب بترك التدبير، وللاستسلام لحكم التقدير، وللخروج من ظلمات مجوّزات العقول إلى قضايا شهود التقدير، وتفويض الأمر إلى اختيار الحق، والاستسلام لما جرت به الأقسام، وسبقت به الأقدار؟.
«.. وَ مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ».
من الذي يرسل رياح فضله بين يدى أنوار اختياره فيمحو آثار اختيار نفسك، ويعجّل بحسن الكفاية لك؟.
ويقال : يرسل رياح التوكل فيطهّر القلوب من آثار الاختيار وأوضار التدبير، ثم يطلع شموس الرضا فيحصل برد الكفاية فوق المأمول في حال سكينة القلب.. أ إله مع اللّه؟
«تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» : من إحالة المقادير على الأسباب.
قوله جل ذكره :
[سورة النمل (٢٧) : آية ٦٤]
أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤)
يظهر ما يظهر بقدرته على مقتضى سابق حكمه، ويخصص ما تعلقت به مشيئته وحقّ فيه قوله، وسبق به قضاؤه وقدره. فإذا زال وانتفى وانعدم بعض ما يظهر ويخصص.. فمن الذي يعيده مثلما بدأه؟ ومن الذي يضيّق الرزق ويوسّعه؟ ومن الذي يقبض في بعض الأوقات على


الصفحة التالية
Icon