لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٧٦
رجع إلى منزله؟ أ يبقى على ما كان عليه في سفرته؟ أم يلقى غير ما كان يقاسى في سفرته، ويتجرع غير ما كان يسقى من كاسات كربته؟.
قوله جل ذكره :
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَ وَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨)
لو لا أنهم قالوا :«فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا» لكانوا قد لا حظوا إشفاقهم، ولكن الحقّ - سبحانه - اختطفهم عن شهود إشفاقهم حيث أشهدهم منّته عليهم حتى قالوا :«فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا، وَ وَقانا عَذابَ السَّمُومِ، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ».
قوله جل ذكره :
[سورة الطور (٥٢) : آية ٢٩]
فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَ لا مَجْنُونٍ (٢٩)
أي أنهم يعلمون أنك ليست بك كهانة ولا جنون، وإنما قالوا ذلك على جهة التسفيه فالسّفيه يبسط لسانه فيمن يسبّه بما يعلم أنه منه برى ء.
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١)
نتربص به حوادث الأيام فإنّ مثل هذا لايدوم، وسيموت كما مات من قبله كهّان وشعراء.
ويقال : قالوا : إنّ أباه مات شابا، ورجوا أن يموت كما مات أبوه، فقال تعالى :
«قُلْ تَرَبَّصُوا...» فإننا منتظرون، وجاء في التفسير أنّ جميعهم ماتوا. فلا ينبغى لأحد أن يؤمّل موت أحد. فقل من تكون هذه صنعته إلّا سبقته المنيّة - دون أن يدرك ما يتمنّاه من الأمنيّة.