لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٤٨٥
ثم وبّخهم فقال : أرأيتم كيف تختارون لأنفسكم البنين وتنسبون البنات إلى اللّه؟ تلك إذا قسمة ناقصة! قوله جل ذكره :
[سورة النجم (٥٣) : آية ٢٣]
إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَ ما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣)
أنتم ابتدعتم هذه الأسماء من غير أن يكون اللّه أمركم بهذا، أو أذن لكم به.
فأنتم تتبعون الظنّ، «وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً» «١» «وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى » : فأعرضوا عنه، وكما أنّ ظنّ الكفار أوجب لهم الجهل والحيرة والحكم بالخطأ - فكذلك في هذه الطريقة «٢» : من عرّج على أوصاف الظنّ لا يحظى «٣» بشىء من الحقيقة فليس في هذا الحديث إلا القطع والتحقّق، فنهارهم قد متع «٤»، وشمسهم قد طلعت، وعلومهم أكثرها صارت ضرورية.
أمّا الظنّ الجميل باللّه فليس من هذا الباب، والتباس عاقبة الرجل عليه ليس «٥» أيضا من هذه الجملة ذات الظن المعلول في اللّه، وفي صفاته وأحكامه.
قوله جل ذكره :
سورة النجم (٥٣) : آية ٢٤]
أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤)
أي ليس «٦» للإنسان ما يتمنّاه فإنّه يتمنى طول الحياة والرفاهية وخصب العيش..
وما لا نهاية له، ولكنّ أحدا لا يبلغ ذلك بتمامه.
(١) آية ٢٨ في السورة نفسها.
(٢) يقصد طريقة الصوفية.
(٣) فى م (يخطى ء) وهي خطأ في النسخ [.....]
(٤) فى ص (منع) بالنون وهي خطأ، فمتوع النهار من المصطلحات الصوفية التي زادها القشيري على (اللوائح والطوالع واللوامع) كما نوهنا من قبل.
(٥) هكذا في م وهي في ص (ليبين) وهي خطأ من الناسخ.
(٦) هى (أم) المنقطعة، ومعنى الهمزة فيها للإنكار، أي للإنسان - يعنى الكافر - ما تمنى من شفاعة الأصنام، وغير ذلك من التمني.