لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٠٤
العبيد مع الحقّ مختلف : فقوم يخاطبونه بلسانهم، وقوم بأنفاسهم، وقوم بدموعهم :
دموع الفتى عمّا يحسّ تترجم وأشواقه تبدين ما هو يكتم
و قوم بأنينهم وحنينهم :
قل لى بألسنة التنفّس كيف أنت وكيف حالك؟
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٥]
الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥)
يعنى يجرى أمرهما على حدّ معلوم من الحساب في زيادة الليل والنهار، وزيادة القمر ونقصانه، وتعرف بجريانهما الشهور والأيام والسنون والأعوام. وكذلك لهما حساب إذا انتهى ذلك الأجل.. فالشمس تكوّر والقمر ينكدر.
وكذلك لشمس «١» المعارف وأقمار العلوم - فى طلوعها في أوج «٢» القلوب والأسرار - فى حكمة اللّه حساب معلوم، يجريها على ما سبق به الحكم.
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٦]
وَالنَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦)
و يقال : النجم من الأشجار : ما ليس له ساق «٣»، والشجر : ماله ساق.
ويقال : النجوم الطالعة والأشجار الثابتة «يَسْجُدانِ» سجود دلالة على إثبات الصانع بنعت استحقاقه للجلال.
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٧]
وَالسَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ (٧)
سمك السماء وأعلاها، وعلى وصف الإتقان والإحكام بناها، والنجوم فيها أجراها، وبثّ فيها كواكبها، وحفظ عن الاختلال مناكبها، وأثبت على ما شاء مشارقها ومغاربها..
وخلق الميزان بين الناس ليعتبروا الإنصاف في المعاملات بينهم.
و يقال : الميزان العدل.
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٨]
أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨)
(١) هكذا بالمفرد في م وهي في ص بالجمع (شموس) ونرجح أنها بالمفرد حسبما نعرف من أسلوب القشيري فشمس الحقائق واحدة إذا طلعت غطّى نورها أقمار العلوم.
(٢) هكذا في ص وهي أصوب مما جاء في م (روح) فلا معنى لهاهنا.
(٣) لأنه ينجم عن الأرض بلا ساق مثل البقول (النسفي ح ٤ ص ٢٠٧).