لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٠٨
«كَالْأَعْلامِ» : الجبال (له هذه السفن التي أنشئت وخلقت في البحر كأنها الجبال العالية) «١».
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ (٢٧)
كل من على وجه الأرض في حكم الفناء من حيث الجواز. ومن حيث الخبر : ستفنى الدنيا ومن عليها ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. و«الوجه» : صفة للّه - سبحانه - لم يدلّ عليه العقل قطعا ودلّ عليه جوازا، وورد الخبر بكونه قطعا.
ويقال : فى بقاء الوجه بقاء الذات، لأن الصفة لا تقوم بنفسها، ولا محالة شرطها قيامها بنفسه وذاته. وفائدة تخصيص الوجه «٢» بالذكر أن ما عداه يعرف بالعقل، والوجه لا يعلم بالعقل، وإنما يعرف بالنقل والأخبار. و«يَبْقى » : وفي بقائه. سبحانه خلف عن كلّ تلف «٣»، وتسلية للمسلمين عمّا يصيبهم من المصائب، ويفوتهم من المواهب.
قوله جل ذكره :
[سورة الرحمن (٥٥) : آية ٢٩]
يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)
أهل السماوات يسألون أبدا المغفرة، وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة، أي لا بدّ لأحد منه (سبحانه).
وفي السماوات والأرض من لا يسأله : وهم من قيل فيهم : من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين «٤».
ويقال : ليس كلّ من في السماوات والأرض يسألونه ممّا في السماوات والأرض ولكن :
بين المحبين سرّ ليس يغشيه قول ولا قلم للخلق يحكيه
(١) ما بين القوسين مستدرك في هامش الورقة بالنسخة ص. [.....]
(٢) سقطت لفظة (الوجه) من النسخة م.
٣) هكذا في م وهي في ص (تالف) وهي صحيحة ولكن السياق والموسيقى الداخلية تتأكد ب (تلف).
(٤) «من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين» رواه البخاري في التاريخ، والبزار فى المسند، والبيهقي في الشعب من حديث عمر بن الخطاب.