لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٣٧
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ١٢]
يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)
و هو نور يعطى للمؤمنين والمؤمنات بقدر أعمالهم الصالحة، ويكون لذلك النور مطارح شعاع يمشون فيها والنور يسعى بين أيديهم، ويحيط جميع جهاتهم.
ويقال :«وَبِأَيْمانِهِمْ» كتبهم.
«بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ» أي بشارتكم اليوم - من اللّه جنات. وكما أن لهم في العرضة هذا النور فاليوم لهم في قلوبهم وبواطنهم نور يمشون فيه، ويهتدون به في جميع أحوالهم، قال صلى اللّه عليه وسلم :«المؤمن ينظر بنور اللّه» وقال تعالى :«فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ «١».
وربما ينبسط ذلك النور على من يقرب منهم. وربما يقع من ذلك على القلوب قهرا - ولأوليائه - لا محالة - هذه الخصوصية.
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ١٣]
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣)
انتظرونا فنلحق بكم لنقتبس من نوركم. وذلك لأن المؤمنين والمنافقين يعطون كتبهم وهم في النور، فإذا مرّوا... انطفأ النور أمام المنافقين وسبق المؤمنون، فيقول المنافقون للمؤمنين : انتظرونا حتى نقتبس من نوركم. فيقول المؤمنون :
«قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً» أي إلى الدنيا وأخلصوا! - تعريفا لهم أنهم كانوا منافقين في الدنيا.
ويقال : ارجعوا إلى حكم الأزل فاطلبوا «٢» هذا من القسمة! - وهذا على جهة ضرب المثل والاستبعاد.
(١) آية ٢٢ سورة الزمر.
(٢) هكذا في ص وهي في م (قاطلعوا) وقد آثرنا الأولى لأنها آكد في الاستبعاد - وهو المقصود.