لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٤١
قوله جل ذكره :
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢٠]
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِينَةٌ وَ تَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَ تَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (٢٠)
الحياة الدنيا معرّضة للزوال، غير لابثة ولا ماكثة، وهي في الحال شاغلة عن اللّه، مطمعة «١» وغير مشبعة، وتجرى على غير سنن الاستقامة كجريان لعب «٢» الصبيان، فهى تلهى عن الصواب واستبصار الحقّ، وهي تفاخر وتكاثر في الأموال والأولاد.
«كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً».
الكفار : الزّرّاع.
هو في غاية الحسن ثم يهيج فتراه يأخذ في الجفاف، ثم ينتهى إلى أن يتحطّم ويتكسّر.
«وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ».
لأهله من الكفّار.
«وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ».
لأهله من المؤمنين.
«وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ».
الدنيا حقيرة - وأحقر منها قدرا طالبها وأقلّ منه خطرا المزاحم فيها، فما هي إلا جيفة وطالب الجيفة ليس له خطر. وأخس أهل الدنيا من بخل بها.
وهذه الدنيا المذمومة هي التي تشغل العبد عن الآخرة!
(١) ربما كانت - (مطعمة) فى الأصل فقد نبدو الدنيا ذات قيمة ولكنها في الحقيقة عديمة القيمة.
(٢) فى النسختين (لعاب) الأطفال، ومع ذلك فقد آثرنا أن نثبت هنا (لعب) بالرغم من تحسنا لاستعمال (اللعاب) فى موضع سبق ذلك لأننا نرى إضافة اللعاب إلى الصبيان لا يزيد المعنى تأكيدا، فاللعاب ظاهرة فسيولوجية تجرى على غير نظام - وهذا هو المطلوب - عند الكبار والصفار على حدّ سواء، بينما إضافة اللعب إلى الصبيان تعطى المعنى المطلوب.