لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٤٩
و مال كثير، فلما كبرت سنّى «١»، وذهب مالى، وتفرّق أهلى جعلنى عليه كظهر أمّه، وقد ندم وندمت، وإنّ لى منه صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا.
فقال لها الرسول صلى اللّه عليه وسلم - فى رواية - : ما أمرت بشىء في شأنك.
وفي رواية أخرى أنه قال لها : بنت عنه (أي حرمت عليه).
فترددت إلى رسول اللّه (ص) فى ذلك، وشكت.. إلى أن أنزل اللّه حكم الظّهار.
قوله جل ذكره :
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٢]
الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً وَ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢)
قول الذين يقولون لنسائهم - جريا على عادة أهل الشّرك - أنت عليّ كظهر أمي...
هذا شىء لم يحكم اللّه به ولا هذا الكلام في نفسه صدق، ولم يثبت فيه شرع، وإنما هو زور محض وكذب صرف.
فعلم الكافة أن الحقائق بالتلبيس لا تتعزّز «٢» والسّبب إذا لم يكن صحيحا فبالمعاودة لا يثبت فالمرأة لمّا سمعت من رسول اللّه (ص) قوله : بنت عنه - كان واجبا عليها السكون والصبر ولكنّ الضرورة أنطقتها وحملتها على المعاودة، وحصلت من ذلك مسألة : وهي أن كثيرا من الأشياء يحكم فيها ظاهر العلم بشىء ثم تغيّر الضرورة ذلك الحكم لصاحبها «٣».
قوله جل ذكره :
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٣]
وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣)
(١) وفي رواية : خلا سنّى ونثرت بطني - أي كثر ولدي.
٢) ربما كانت في الأصل (لا تتقرر) ومع ذلك فالمعنى هكذا مقبول. [.....]
(٣) هذه غمزة رقيقة بأولئك المتشبثين بالظواهر، ودعوة إلى التريث.