لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٥٢
التأويل «١» وشوّشوا قلوب أولى المواجيد فلا بأس - فأنا معهم.
إن حضرت المسجد فأنا معك بإسباغ النعمة ولكن وعدا، وإن أتيت المصطبة فأنا معك بالرحمة وإسبال ستر المغفرة ولكن نقدا.
هبك تباعدت وخالفتنى تقدر أن تخرج عن لطفى؟!
قوله جل ذكره :
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٨]
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَ يَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَ إِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨)
آذوا قلوب المسلمين بما كانوا يتناجون به فيما بينهم «٢»، ولم تكن في تناجيهم فائدة إلا قصدهم بذلك شغل قلوب المؤمنين، ولم ينتهوا عنه لمّا نهوا عنه، وأصرّوا على ذلك ولم ينزجروا، فتوعّدهم اللّه على ذلك، وتكون عقوبتهم بأن تتغامز الملائكة في بابهم فيما بينهم، وحين يشاهدون ذلك تترجّم ظنونهم، ويتعذّبون بتقسّم قلوبهم، ثم لا ينكشف الحال لهم إلّا بما يزيدهم حزنا على حزن، وأسفا على أسف.
قوله جل ذكره :
[سورة المجادلة (٥٨) : آية ٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَ تَناجَوْا بِالْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩)
إنما قبح ذلك منهم وعظم الخطر لأنه تضمّن إفساد ذات البين، وخير الأمور ما عاد بإصلاح ذات البين، وبعكسه إذا كان الأمر بضدّه.
(١) «فإن حجج أهل هذه الطائفة أظهر من حجج كل أحد، وقواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب.
و الناس : إما أصحاب النقل والأثر، وإما أرباب العقل والفكر... وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة فالذى للناس غيب فهو لهم ظهور، والذي للخلق من المعارف مقصود فلهم من الحق سبحانه موجود، فهم من أهل الوصال والناس أهل الاستدلال» الرسالة القشيرية ص ١٩٨ وانظر تذكرة الحفاظ للذهبى ح ٤ ص ١٥.
(٢) كان اليهود والمنافقون يتغامزون فيما بينهم وبأينهم إغاظة للمؤمنين، وكانوا إذا أقبلوا على الرسول قالوا له : السام عليك يا محمد... والسام هو الموت.