لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٦١
قوله جل ذكره :
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٩]
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)
نزلت هذه الآية في الأنصار. «تَبَوَّؤُا الدَّارَ» أي سكنوا المدينة قبل المهاجرين..
«يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ» من أهل مكة.
«وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً» مما خصّص به المهاجرون من الفي ء، ولا يحسدونهم على ذلك، ولا يعترضون بقلوبهم على حكم اللّه بتخصيص المهاجرين، حتى لو كانت بهم حاجة أو اختلال أحوال.
«وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
قيل نزلت الآية «١» فى رجل منهم أهديت له رأس شاة فطاف على سبعة أبيات حتى انتهى إلى الأول.
و قيل نزلت في رجل منهم نزل به ضيف فقرّب منه الطعام وأطفأ السراج ليوهم ضيفه أنه يأكل، حتى يؤثر به الضيف على نفسه وعلى عياله، فأنزل اللّه الآية في شأنه «٢».
ويقال : الكريم من بنى الدار لضيفانه وإخوانه (و اللئيم من بناها لنفسه) «٣».
وقيل : لم يقل اللّه : ومن يتّق شحّ نفسه بل قال : ومن يوق شحّ نفسه «٤».
ويقال : صاحب الإيثار يؤثر الشبعان على نفسه - وهو جائع.
(١) حديث القشيري عنه وفيما بعد عن الإيثار يصلح أن يكون متمما للفصل الذي عقده في رسالته عن الفتوة ص ١١٣.
(٢) هكذا في رواية أبى هريرة (البخاري ح ٣ ص ١١٣).
(٣) ما بين القوسين موجود في ص وغير موجود في م.
(٤) فتقاه من اللّه لا من نفسه.