لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٦٤
و اتفاق القلوب والاشتراك في الهمّة والتساوي في القصد يوجب كلّ ظفر وكلّ سعادة.. ولا يكون ذلك للأعداء قطّ فليس فيهم إلا اختلال كلّ حال، وانتقاض كلّ شمل.
قوله جل ذكره :
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٥]
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥)
مثل بنى قريظة كمثل بنى النضير «١» ذاق النضير وبال أمرهم قبل قريظة بسنة «٢» وذاق قريظة بعدهم وبال أمرهم.
قوله جل ذكره :
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٦]
كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦)
أي مثل هؤلاء المنافقين مع النضير - فى وعدهم بعضهم لبعض بالتناصر - كمثل الشيطان «إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ...».
و كذلك أرباب الفترة وأصحاب الزّلّة وأصحاب الدعاوى.. هؤلاء كلّهم في درجة واحدة فى هذا الباب - وإن كان بينهم تفاوت - لا تنفع صحبتهم في اللّه قال تعالى :«الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ» «٣» وكلّ أحد - اليوم - يألف شكله فصاحب الدعوى إلى صاحب الدعوى، وصاحب المعنى إلى صاحب المعنى.
قوله جل ذكره :
[سورة الحشر (٥٩) : آية ١٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨)
.
(١) يرى النسفي أن :«مثلهم كمثل أهل بدر» (النسفي - ح ٤ ص ٢٤٣).
(٢) وكان ذلك عقب مرجع النبي (ص) من الأحزاب ففى رواية عن عائشة رضى اللّه عنها قالت : لما رجع النبي (ص) من الخندق، ووضع السلاح واغتسل أتاه جبريل فقال : قد وضعت السلاح واللّه ما وضعناه فاخرج إليهم قال : فإلى أين؟ قال : هاهنا - وأشار إلى بنى قريظة (البخاري ح ٣ ص ٢٣).
(٣) آية ٦٧ سورة الزخرف.