لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٥٧١
و كذلك صفة المخالف، ولا ينبغى للمرء أن يتعطّش إلى عشيرته - وإن داهنته في قالة، ولا أن ينخدع بتغريرها - وإن لا ينته في حالة قوله جل ذكره :
[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ٤]
قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤)
أي لكم قدوة حسنة بإبراهيم ومن قبله من الأنبياء حيث تبرّءوا من الكفار من أقوامهم فاقتدوا بهم.. إلّا استغفار إبراهيم لأبيه - وهو كافر - فلا تقتدوا به.
و لا تستغفروا للكفار. وكان إبراهيم قد وعده أبوه أنه يؤمن فلذلك كان يستغفر له، فلمّا تبيّن له أنه لن يؤمن تبّرأ منه ويقال : كان منافقا.. ولم يعلم إبراهيم ذلك وقت استغفاره له.
ويقال : يجوز أنه لم يعلم في ذلك الوقت أنّ اللّه لا يغفر للكفار.
والفائدة في هذه الآية تخفيف الأمر على قلب الرسول صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين بتعريفهم أنّ من كانوا قبلهم حين كذّبوا بأنبيائهم أهلكهم اللّه، وأنهم صبروا، وأنه ينبغى لذلك أن يكون بالصبر أمرهم.
قوله جل ذكره :«رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ».
أخبر أنهم قالوا ذلك.
ويصحّ أن يكون معناه : قولوا :«رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا».
وقد مضى القول في معنى التوكل والإنابة.